الاستهزاء بالله: (والعياذ بالله) مثل بعض النكت التى بها لفظ الجلالة (الله), وبعض كلمات الأغانى.. مثل: قَدَر أحمق الخُطَى (وغيرها كثير), وهناك بعض الكلمات أعلم أنكم ستنكرون علىَّ ذكرها، ويعلم الله أنى أكتبها وأنا متأسف, وأستغفر الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه، ولكنى سأذكرها للتنبيه على خطورتها، وربنا يتوب علينا وعلى العصاة والمذنبين.
قولهم عند الخصام: لو نزل لى ربنا من السما مش هاسيبه (أستغفر الله), ده لو كان ابن ربنا لازم اضربه (حاشا لله سبحانه وتعالى), وكما نسمع أحد المستهترين إذا رأى شخصاً نحيلاً (رُفيّع) قال عنه: خشب الله عبد الناشف (أستغفر الله), وإذا نصحته قال لك: “إنما الأعمال بالنيات” واحنا بنضحك يا عم الشيخ, أو من يقول متهكّماً على غيره: ده عامل فيها عبد الْمُهِم, أو عبد الْمُرْعِب, أَوَلا يعلم هؤلاء أن قوماً قالوا مثل قولهم, وقد حكم الله عليهم بالكفر والإجرام؟ {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ {65} لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ} [التوبة:65-66]
الاستهزاء ببعض سُوَر القرآن: كما يقولون عند مخاطبة من لا يفهمهم: هو احنا بنقرأ فى سورة عبس, وعندما يحدث أمر أو قول وينتهى بسرعة – حتى لو كان معصية – يقولون: قال كذا آمين صدق الله العظيم (أستغفر الله), وعندما يسمعون القرآن لمدة طويلة قالوا: هو احنا قاعدين فى مَيّت وللا إيه, وعندما يصفون أحداً بِقِلّة الضمير.. قالوا: إنا أسفأناكم, على وزن قول الله جل وعلا: {ُإِنَّا خَلَقْنَاكُم} [الحجرات:13] أو ما شابهها من الآيات. البعض يستخفف, ويقول على الفاتحة التى يقرأونها قبل العقد: دُول عملوا القَفْلَة, أو يقول: دول عملوا الضمَّة والكسرة (أستغفر الله) (وقراءتها قبل العقد ليست من السنَّة, كما سيأتى إن شاء الله) وإذا قلت لأحد: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِين} [البقرة:153] قال لك: إذا صبروا. فمن أين جاءوا بهذه الزيادة؟ أهو عدم علم بآيات الله؟ أم استهزاء بها؟ وكيف يُسَمَّوْن صابرين إن لم يصبروا؟
الاستهزاء بالرسل, صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, مثل ما يقال: ده من أيام سيدنا كتكوت, أو اصْحَىَ يا آدم شُوف وُلادَك عملوا إيه, (أستغفر الله العظيم), ويقولون عند الخصام: لو جالى النبى مش هاصَلْحُه. وعند الخروج من شىء بغير فائدة يقولون: كِسِبْنا إيه احْنا بَقَىَ, كِسِبْنا الصلاة على النبى. وكذلك الاستهزاء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم كمن يستهزئ باللحية, أو العمامة, أو القميص (الجلابية) أو غير ذلك.
الاستهزاء بالملائكة: مثل الذين يرسمونهم على هيئة أطفال عَرَايا بأجنحة, أو مثل ما يقال: دَه لو جالى ملك من السماء, لو جالى عزرائيل هاقُلُّه مالَكْش دَعْوَة بِيَّا سِيبْنِى وخُدْ فلان, الملايكة لونها بمبى (أستغفر الله), دَه بياكل رُز مع الملايكة.. وهل الملائكة تأكل أو تشرب؟
الاستهزاء بالغيبيات المتعلقة بأمور الآخرة: مثل النكت والأغانى التى بها ذكر عذاب القبر, أو الجنة والنار, ومثل ما يقول البعض: ده لما ينزل القبر هايضّرب بالجزمة, ده هايِتْقَرْمَع على رِجْلِيه قَرْمَعَة, ده هايْخُش النار ويِتْلَسْوَع لَسْوَعَة… إلخ.
ونقول لكل هؤلاء: اتقوا الله ولا تجعلوا الدين عُرْضَة لاستِخْفافكم, فقد قال العلماء: إن الاستهزاء بالدّين كُفْر. ولا تقولوا إنه ليس استهزاء وإنما هو ضحك، وأسألكم بالله: هل تستطيعون السخرية من كبار الشخصيات, ولو بضحك كما تقولون؟ فإذا كنتم تخافونهم.. أفلا تخافون من رب العالمين؟ قال الله عز وجل: {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ} [التوبة:13] صحيح أن الآية خاصة بقتال المشركين، ولكنى أردت أن أستشهد بها لمناسبة المعنى, فحاسبوا على أقوالكم, واذكروا قول ربكم: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد} [ق:18] وقول رسولكم صلى الله عليه وسلم : ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً, يهوى بها سبعين خريفاً فى النار)) [سنن الترمذى, مسند أحمد, صحيح الجامع:1618] وقوله: ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى, ما يَظُنُّ أن تَبْلُغ ما بَلَغَت, فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة, وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سَخَطِ الله تعالى, ما يَظُنُّ أن تَبْلُغ ما بَلَغَت, فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة)) [صحيح الجامع:1619]
الاستهزاء بالمتدينين: مثل قولهم: ابْقَىَ خُدْنا على ريشة من جناحك يا مولانا, ابقى اشفع لنا يا عَمّ الشيخ, ابقى قُول لهم ده اخويا.. ويقصدون أن المتديّن يقول لملائكة العذاب ده اخويا حتى يتركوه (أستغفر الله).
وبالمناسبة أُناشد المسلمين أن يتقوا الله فى إخوانهم المتديّنين (وخاصة العلماء, لأن غيبتهم أشد) لأننا نسمع كثيراً: السُّنية دُول كذا وكذا, والمحجبات كذا وكذا.. من السب والشتم، وهذا لا يرضى الله سبحانه وتعالى, فهل إذا أساء طبيب أو محامٍ – مثلاً – أو كما يقولون: (نَصَبَ على أحد) يكون كل الأطباء أو المحامين نصّابين؟ ثم إننا جميعاً مُطالَبون بطاعة ربنا, واتباع هدى نبينا صلى الله عليه وسلم وليسوا هم فقط، ونحن جميعاً أبناء دين واحد, فليس لهم دين ولنا دين, ويكفى أن الاستهزاء بالمؤمنين من صفات المجرمين، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ} [المطففين:29]
ولكنى أُناشد المتديّنين أيضاً أن يعاملوا الناس بالحسنى, لكى يحببوهم فى الدين, وفى المتدينين, لأن الناس ينظرون للمتديّن على أنه هو الإسلام, مع أن هذا خطأ, فالإسلام لا يؤخذ من أفعال أهله, ولكن يؤخذ من الكتاب والسنَّة, ولكن ماذا نفعل؟ لقد أصبح الأخ أو الأخت مِرآة للدين, فيا أخى.. ويا أختى.. كونوا مِرآة صافية, تعكس جمال الدين, وكماله, وعظمته, ولو على حساب التنازل عن بعض حقوقكم, ابتغاء رضوان الله والدار الآخرة, ولن يضيع الله أجركم {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً {30} أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقا} [الكهف:30-31]
يتبع إن شاء الله